{"title":"Fusla 对现代阿拉伯社会交流语言的影响","authors":"Samir Sayed","doi":"10.30623/hij.1233058","DOIUrl":null,"url":null,"abstract":"إن البحث في تاريخ الفصحى القديم بمقدار ما يحمل من شَغَفٍ عِلْمِيٍّ، فهو يحمل معه صعوبات ملموسة في الوصول إلى صورة واضحة لما كانت عليه الفصحى قبل الإسلام، وكذلك يجد البحث صعوبة أخرى هي اتساع حدوده المكانية؛ فلقد وَضَعَتْ هذه الورقة كل بلاد الوطن العربي بجناحيه الأفريقي والأسيوي تحت مجهر الاختبار، ثم سَلَّطَتْ الضوء على حدود تأثير الفصحى في اللهجات العربية المعاصرة. وما كان لهذه الورقة أن تستقصي جميع الظواهر اللهجية في العالم العربي، أو تمسحها مسحًا شاملًا، فذاك عمل تَقْصُرُ عنه الهِمَم وتُفْرَدُ له المُطَوَّلات؛ وتَضِيقُ في الإحاطة به ورقة بحثية واحدة؛ إذ لابد فيه من دراسة مسحية شاملة تفتقر إلى خبرات، وتدعمها مؤسسات؛ إنما سَلَّطَتْ هذه الورقة الضوء على حدود تأثير الفصحى في اللهجات العربية المعاصرة حسب العينات العشوائية المختارة من مجتمع البحث. \nلقد جاءت هذه الورقة لتضيء جانبًا يمثل علاقة الفصحى باللهجات، وحدود تأثير الأولى في الثانية، وقد افترض البحث أن تكون الفصحى هي المكوّن الرئيس للهجات الخطاب في المجتمعات العربية المعاصرة على رأس مكونات ثلاثة أخرى هي: لهجات القبائل العربية القديمة التي هاجرت زمن الفتح الإسلامي أو بعده، إضافة إلى لغات الشعوب الأصلية للبلاد المفتوحة، مع المكون الأجنبي في حقبة الاستعمار الغربي إلى الآن. \nوقد اعتمد البحث في اختبار هذا الفرض على المنهج الوصفي متخذًا أداة الملاحظة العلمية لعينات عشوائية للظواهر اللغوية المحكية في لغة الحياة اليومية. \n ومن نتائج هذه الدراسة أن القبائل العربية المهاجرة من شبه الجزيرة إلى الأمصار المفتوحة قد حافظت على تقاليدها وعاداتها اللغوية زمنًا ممتدًا إلى العصر الحديث، ولقد أكد البحث على أن هذا الرافد هو الرافد العظيم للهجات العربية الحديثة خصوصًا في الجانب المشرقي من الوطن العربي، وذلك ما أكد عليه حفني ناصف وغيره. ولا نعدم روافد أخرى مؤثرة في لغة التخاطب اليومي كطائفة من ألفاظ الدخيل التي تشيع على الألسنة العربية وبخاصة بعد ثورة المعلومات، وانتشار الشبكة الدولية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعولمة الثقافية، والتغريب الذي وقعت المنطقة العربية برمتها تحت رحمته. إلى جانب ما ترسَّب على الألسنة من بقايا اللغات القديمة التي كان يتكلمها الناس قبل الفتح العربي. حدث ذلك في ظل غياب شبه تام لسلطان الفصحى القرآنية على تقويم اللسان وضبط المخارج والأصوات على النموذج العربي المحتذى، صحيح أن مجامع اللغة العربية في الوطن العربي بذلت وتبذل في ذلك جهدًا لمواجهة سيل الألفاظ الدخيلة على الألسنة، لكن لا مجيب. لقد ظهر من خلال البحث أنه لولا وجود القرآن الذي تكفَّل الله بحفظه لاندثرت الفصحى التي عمود قوامها لهجة قريش كاندثار أخواتها الآرامية والسريانية، أو كاندثار اللاتينية من الفرع الهندوأوروبي. \nإن الفصحى لم تكن يومًا لغة تخاطب وسليقة لقبيلة من القبائل كما بَيَّنَ البحث، بل هي: لغة مشتركة أخذت من لغات القبائل العربية، وتشكلت بذلك قبل الإسلام؛ فهي لغة أدبية تُوِّجَتْ بنزول القرآن الكريم بها، احترمها القدماء وأجلُّوها، وأهَمْلَ أمرَها المُحْدَثُون. \nإن البحث يستنكر في توصياته امتداد مسافة الخُلف بين اللغة واللهجات في العصر الحديث، لأننا نحتاج لثورة لغوية حقيقية تعيد للعربية الفصحى جزءًا من مكانتها في النفوس والأسماع، ونحن إذ نطمح لذلك لا نُلغي دور اللهجات في إحداث التواصل المطلوب، بل نضعه في نصابه الصحيح، وضمن حجمه المعقول. والبحث يمثل خطوة سبقتها بلا شك خطى، ولابد أن تتبعها على الطريق خطوات.","PeriodicalId":502495,"journal":{"name":"Harran Theology Journal","volume":null,"pages":null},"PeriodicalIF":0.0000,"publicationDate":"2024-06-05","publicationTypes":"Journal Article","fieldsOfStudy":null,"isOpenAccess":false,"openAccessPdf":"","citationCount":"0","resultStr":"{\"title\":\"تَأْثِيرُ الفُصْحَى عَلَى لُغَاتِ التَّوَاصُلِ فِي المُجْتَمَعَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْحَدِيثَةِ\",\"authors\":\"Samir Sayed\",\"doi\":\"10.30623/hij.1233058\",\"DOIUrl\":null,\"url\":null,\"abstract\":\"إن البحث في تاريخ الفصحى القديم بمقدار ما يحمل من شَغَفٍ عِلْمِيٍّ، فهو يحمل معه صعوبات ملموسة في الوصول إلى صورة واضحة لما كانت عليه الفصحى قبل الإسلام، وكذلك يجد البحث صعوبة أخرى هي اتساع حدوده المكانية؛ فلقد وَضَعَتْ هذه الورقة كل بلاد الوطن العربي بجناحيه الأفريقي والأسيوي تحت مجهر الاختبار، ثم سَلَّطَتْ الضوء على حدود تأثير الفصحى في اللهجات العربية المعاصرة. وما كان لهذه الورقة أن تستقصي جميع الظواهر اللهجية في العالم العربي، أو تمسحها مسحًا شاملًا، فذاك عمل تَقْصُرُ عنه الهِمَم وتُفْرَدُ له المُطَوَّلات؛ وتَضِيقُ في الإحاطة به ورقة بحثية واحدة؛ إذ لابد فيه من دراسة مسحية شاملة تفتقر إلى خبرات، وتدعمها مؤسسات؛ إنما سَلَّطَتْ هذه الورقة الضوء على حدود تأثير الفصحى في اللهجات العربية المعاصرة حسب العينات العشوائية المختارة من مجتمع البحث. \\nلقد جاءت هذه الورقة لتضيء جانبًا يمثل علاقة الفصحى باللهجات، وحدود تأثير الأولى في الثانية، وقد افترض البحث أن تكون الفصحى هي المكوّن الرئيس للهجات الخطاب في المجتمعات العربية المعاصرة على رأس مكونات ثلاثة أخرى هي: لهجات القبائل العربية القديمة التي هاجرت زمن الفتح الإسلامي أو بعده، إضافة إلى لغات الشعوب الأصلية للبلاد المفتوحة، مع المكون الأجنبي في حقبة الاستعمار الغربي إلى الآن. \\nوقد اعتمد البحث في اختبار هذا الفرض على المنهج الوصفي متخذًا أداة الملاحظة العلمية لعينات عشوائية للظواهر اللغوية المحكية في لغة الحياة اليومية. \\n ومن نتائج هذه الدراسة أن القبائل العربية المهاجرة من شبه الجزيرة إلى الأمصار المفتوحة قد حافظت على تقاليدها وعاداتها اللغوية زمنًا ممتدًا إلى العصر الحديث، ولقد أكد البحث على أن هذا الرافد هو الرافد العظيم للهجات العربية الحديثة خصوصًا في الجانب المشرقي من الوطن العربي، وذلك ما أكد عليه حفني ناصف وغيره. ولا نعدم روافد أخرى مؤثرة في لغة التخاطب اليومي كطائفة من ألفاظ الدخيل التي تشيع على الألسنة العربية وبخاصة بعد ثورة المعلومات، وانتشار الشبكة الدولية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعولمة الثقافية، والتغريب الذي وقعت المنطقة العربية برمتها تحت رحمته. إلى جانب ما ترسَّب على الألسنة من بقايا اللغات القديمة التي كان يتكلمها الناس قبل الفتح العربي. حدث ذلك في ظل غياب شبه تام لسلطان الفصحى القرآنية على تقويم اللسان وضبط المخارج والأصوات على النموذج العربي المحتذى، صحيح أن مجامع اللغة العربية في الوطن العربي بذلت وتبذل في ذلك جهدًا لمواجهة سيل الألفاظ الدخيلة على الألسنة، لكن لا مجيب. لقد ظهر من خلال البحث أنه لولا وجود القرآن الذي تكفَّل الله بحفظه لاندثرت الفصحى التي عمود قوامها لهجة قريش كاندثار أخواتها الآرامية والسريانية، أو كاندثار اللاتينية من الفرع الهندوأوروبي. \\nإن الفصحى لم تكن يومًا لغة تخاطب وسليقة لقبيلة من القبائل كما بَيَّنَ البحث، بل هي: لغة مشتركة أخذت من لغات القبائل العربية، وتشكلت بذلك قبل الإسلام؛ فهي لغة أدبية تُوِّجَتْ بنزول القرآن الكريم بها، احترمها القدماء وأجلُّوها، وأهَمْلَ أمرَها المُحْدَثُون. \\nإن البحث يستنكر في توصياته امتداد مسافة الخُلف بين اللغة واللهجات في العصر الحديث، لأننا نحتاج لثورة لغوية حقيقية تعيد للعربية الفصحى جزءًا من مكانتها في النفوس والأسماع، ونحن إذ نطمح لذلك لا نُلغي دور اللهجات في إحداث التواصل المطلوب، بل نضعه في نصابه الصحيح، وضمن حجمه المعقول. والبحث يمثل خطوة سبقتها بلا شك خطى، ولابد أن تتبعها على الطريق خطوات.\",\"PeriodicalId\":502495,\"journal\":{\"name\":\"Harran Theology Journal\",\"volume\":null,\"pages\":null},\"PeriodicalIF\":0.0000,\"publicationDate\":\"2024-06-05\",\"publicationTypes\":\"Journal Article\",\"fieldsOfStudy\":null,\"isOpenAccess\":false,\"openAccessPdf\":\"\",\"citationCount\":\"0\",\"resultStr\":null,\"platform\":\"Semanticscholar\",\"paperid\":null,\"PeriodicalName\":\"Harran Theology Journal\",\"FirstCategoryId\":\"1085\",\"ListUrlMain\":\"https://doi.org/10.30623/hij.1233058\",\"RegionNum\":0,\"RegionCategory\":null,\"ArticlePicture\":[],\"TitleCN\":null,\"AbstractTextCN\":null,\"PMCID\":null,\"EPubDate\":\"\",\"PubModel\":\"\",\"JCR\":\"\",\"JCRName\":\"\",\"Score\":null,\"Total\":0}","platform":"Semanticscholar","paperid":null,"PeriodicalName":"Harran Theology Journal","FirstCategoryId":"1085","ListUrlMain":"https://doi.org/10.30623/hij.1233058","RegionNum":0,"RegionCategory":null,"ArticlePicture":[],"TitleCN":null,"AbstractTextCN":null,"PMCID":null,"EPubDate":"","PubModel":"","JCR":"","JCRName":"","Score":null,"Total":0}
إن البحث في تاريخ الفصحى القديم بمقدار ما يحمل من شَغَفٍ عِلْمِيٍّ، فهو يحمل معه صعوبات ملموسة في الوصول إلى صورة واضحة لما كانت عليه الفصحى قبل الإسلام، وكذلك يجد البحث صعوبة أخرى هي اتساع حدوده المكانية؛ فلقد وَضَعَتْ هذه الورقة كل بلاد الوطن العربي بجناحيه الأفريقي والأسيوي تحت مجهر الاختبار، ثم سَلَّطَتْ الضوء على حدود تأثير الفصحى في اللهجات العربية المعاصرة. وما كان لهذه الورقة أن تستقصي جميع الظواهر اللهجية في العالم العربي، أو تمسحها مسحًا شاملًا، فذاك عمل تَقْصُرُ عنه الهِمَم وتُفْرَدُ له المُطَوَّلات؛ وتَضِيقُ في الإحاطة به ورقة بحثية واحدة؛ إذ لابد فيه من دراسة مسحية شاملة تفتقر إلى خبرات، وتدعمها مؤسسات؛ إنما سَلَّطَتْ هذه الورقة الضوء على حدود تأثير الفصحى في اللهجات العربية المعاصرة حسب العينات العشوائية المختارة من مجتمع البحث.
لقد جاءت هذه الورقة لتضيء جانبًا يمثل علاقة الفصحى باللهجات، وحدود تأثير الأولى في الثانية، وقد افترض البحث أن تكون الفصحى هي المكوّن الرئيس للهجات الخطاب في المجتمعات العربية المعاصرة على رأس مكونات ثلاثة أخرى هي: لهجات القبائل العربية القديمة التي هاجرت زمن الفتح الإسلامي أو بعده، إضافة إلى لغات الشعوب الأصلية للبلاد المفتوحة، مع المكون الأجنبي في حقبة الاستعمار الغربي إلى الآن.
وقد اعتمد البحث في اختبار هذا الفرض على المنهج الوصفي متخذًا أداة الملاحظة العلمية لعينات عشوائية للظواهر اللغوية المحكية في لغة الحياة اليومية.
ومن نتائج هذه الدراسة أن القبائل العربية المهاجرة من شبه الجزيرة إلى الأمصار المفتوحة قد حافظت على تقاليدها وعاداتها اللغوية زمنًا ممتدًا إلى العصر الحديث، ولقد أكد البحث على أن هذا الرافد هو الرافد العظيم للهجات العربية الحديثة خصوصًا في الجانب المشرقي من الوطن العربي، وذلك ما أكد عليه حفني ناصف وغيره. ولا نعدم روافد أخرى مؤثرة في لغة التخاطب اليومي كطائفة من ألفاظ الدخيل التي تشيع على الألسنة العربية وبخاصة بعد ثورة المعلومات، وانتشار الشبكة الدولية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعولمة الثقافية، والتغريب الذي وقعت المنطقة العربية برمتها تحت رحمته. إلى جانب ما ترسَّب على الألسنة من بقايا اللغات القديمة التي كان يتكلمها الناس قبل الفتح العربي. حدث ذلك في ظل غياب شبه تام لسلطان الفصحى القرآنية على تقويم اللسان وضبط المخارج والأصوات على النموذج العربي المحتذى، صحيح أن مجامع اللغة العربية في الوطن العربي بذلت وتبذل في ذلك جهدًا لمواجهة سيل الألفاظ الدخيلة على الألسنة، لكن لا مجيب. لقد ظهر من خلال البحث أنه لولا وجود القرآن الذي تكفَّل الله بحفظه لاندثرت الفصحى التي عمود قوامها لهجة قريش كاندثار أخواتها الآرامية والسريانية، أو كاندثار اللاتينية من الفرع الهندوأوروبي.
إن الفصحى لم تكن يومًا لغة تخاطب وسليقة لقبيلة من القبائل كما بَيَّنَ البحث، بل هي: لغة مشتركة أخذت من لغات القبائل العربية، وتشكلت بذلك قبل الإسلام؛ فهي لغة أدبية تُوِّجَتْ بنزول القرآن الكريم بها، احترمها القدماء وأجلُّوها، وأهَمْلَ أمرَها المُحْدَثُون.
إن البحث يستنكر في توصياته امتداد مسافة الخُلف بين اللغة واللهجات في العصر الحديث، لأننا نحتاج لثورة لغوية حقيقية تعيد للعربية الفصحى جزءًا من مكانتها في النفوس والأسماع، ونحن إذ نطمح لذلك لا نُلغي دور اللهجات في إحداث التواصل المطلوب، بل نضعه في نصابه الصحيح، وضمن حجمه المعقول. والبحث يمثل خطوة سبقتها بلا شك خطى، ولابد أن تتبعها على الطريق خطوات.