رثاء الأخ بين الخنساء وفَدوى طُوقان

يُعدُّ الرّثاء، لاسيّما رثاء الإخوة، من الأغراض الشعريّة الأصيلة التي لا تَبلَى في الشّعر العربي قديمه وحَديثه. فالأخ تارةً يكون قاتلاً كأحد ابني آدم عليه السلام، وتارة يكون ماكِراً كإخوة يُوسُف عليه السّلام، وتارة يكون عَضُداً وسَنداً، وهذا هو الغالب كهارونَ عليه السَّلام. وإذا حَصَد الموتُ رُوحَ الأخ، كان الحدَث جَلَلاً يُذرِفُ الدُّموعَ، ويُحرِّك قَرائحَ الشُّعراء الأقرباء لاسيّما الأخوات اللواتي يَريْن في الأخ السَّنَد المفقود، والعَزيز الرَّاحل. وكثيرٌ من الشَّواعر العربيّات منذ الجاهليّة إلى الآن رَثينَ إخوتَهُنَّ، وتأتي الخَنساءُ في مُقدِّمتهنّ في العصر الجاهليّ، ولها في ذلك شعرٌ غزير، وفَدوَى طُوقان في العصر الحديث. وتَهدِفُ الدِّراسة إلى ربط الماضي بالحاضر بدراسة هذا الموضوع عند هاتين الشَّاعرتين، وعَقْدِ مقارَنة بين بَعضِ نتاجهما الشِّعريّ في هذا الموضوع مع ملاحَظة تأثير الفوارق الزّمانيّة، والمكانيّة، وظُروف مَقتل صخرٍ أخِ الخَنساء، ووفاة إبراهيم أخِ فَدوى طُوقان. فالبحثُ تقصَّى الدَّوافع الكامنة وراء هذا الرِّثاء المركَّز للأخ في شِعرَيْهِما، وأَبرزَ المعاني المشتَركة بينهما، وقَدَّم نَماذج أدبيّة، وبلاغيّة طريفة، وبَديعة لهما في رثاء الأخ. فالبحثُ اعتمدَ المَنهجَ الوصفيَّ القائم على وصف هذه الظاهرة في شعريهما منتقياً الأبيات التي تَخدُم هدف البحث، واستند أيضاً على المنهج التَّحليلي لموقف الشَّاعرتين، وأحاسيسهما، ودوافعهما، وسعى إلى استنتاج، واستنباط أهمّ المعاني المشتركة بينهما، أو المبتكَرة عندهما أو عند إحداهما. وخُتِمَ البحثُ بالنتائج والتَوصيات التي أَفرزتها الدِّراسةُ