قراءة في هوامش التجربة البرلمانية في بريطانيا

تمثل التجربة البرلمانية البريطانية صورة متقدمة للتطبيق الديمقراطي خلال العصر الحديث، من ناحية الزمن والشمول، فلم تسبقها تجربة تطورت ذاتيا كما حدث في بريطانيا، كما لم يشهد العالم صورة مماثلة للتمثيل الشعبي هناك، إذ توافرت بريطانيا ظروف اجتماعية واقتصادية مثلّت مقدمة لظهور الحياة البرلمانية وتطورها، فمنذ العام ٨٢٧ تبلور في أحضان مؤسسة العرش الأنجلو سكسوني مجلس موحد هو الوايتان، ضم المقربين من الأسرة المالكة انجلترا، وتطور نشاطه نتيجة استغلال حاجة الملوك المتعاقبين لخدماته أو أموال أعضائه، ففرضوا شروطهم وتزايدت صلاحياتهم على حساب العرش، إذ بدأ الوايتان يمارس نوعا من النشاط البرلماني المتواضع، وصل حد المشاركة في خلع الملوك وتنصيبهم. وحين جاء الغزو النورمندي سنة ١٠٦٦ تطور هذا المجلس بفعل حاجة وليام الفاتح لشرعنة احتلاله وتحول اسمه إلى المجلس الكبير، وصار ينعقد دوريا وأصبح انعقاده تقليدا رسميا نتيجة لعدم تمكن الملوك من الاستغناء عن مشورته.