{"title":"在方法论的建立和记载中,记录群众的记忆","authors":"رقية سعيد خلخال","doi":"10.36322/jksc.v2i69.13142","DOIUrl":null,"url":null,"abstract":"تمثل النظرية الاجتماعية وجه من اوجه المعرفة التي يتم بناؤها على أسس منهجية منظمة والتي تشمل توخي الجانبين النظري والامبريقي، كما تفسر الواقع الاجتماعي ومكوناته، كما ان كل البحوث والدراسات التي أجريت على المجتمعات الإسلامية اتبعت خطى وتيارات سوسيولوجية غربية، حيث حاول اغلب المفكرين العرب دراسة واقع مجتمعاتهم في ضوء تلك التيارات والنظريات التي أسست للمجتمعات المغايرة لمثل المجتمعات الغربية، وتكمن هنا المشكلة في تشخيص مواقع الخلل، حيث ان تلك النظريات لم تشخص الخلل الواضح نظرا لاختلاف طبيعة المجتمعات الإسلامية والعربية، كما ان تلك المجتمعات تحمل الكثير في طياتها من العادات والتراث والتقاليد والقيم الإسلامية والتي تتعارض مع القيم الغربية، وينسحب ذلك الأمر على ماسسة المنهج الذي يمكن ان يتبع في دراسة ما لمعالجة قضايا المجتمع والعمل على توثيق ذلك. \nواذا كان البعض من مؤرخي الفلسفة والذين يرون في إن كوبرنيك، وديكارت، ورواد الحداثة الغربية، فان الحركة الفعلية في الجانب المنهجي التجريبي ترجع الى بيكون وتصميمه على تغيير النماذج القديمة والتخلص من مناهج ارسطو التقليدية والتي تقوم على الاستقراء. \nولذا فان الطرح الفلسفي المسبق يعمل على تقديم نظام جديد للمنطق والذي يقوم على تأسيس منهجي واقعي يرسم صور وقضايا ويقوم بمعالجتها وتوثيقها بشكل تفصيلي، حيث يعد النظام المنطقي الجديد متفوق على الطرق القديمة للقياس المنطقي ويتوجه بالأساس نحو طبيعة (تحقيق التقدم)، لذا فان الطرح الفلسفي الغربي أراد ان يحقق طفرة نوعية في الاطار التنظيري وتقديم تأسيس منهجي يمكن ان يشكل اطار اتفاق مع المنهج العقلاني. \nان الأصل في فقه المنهج والتأسيس المنهجي يمثل تحصيل القدرة على الإحاطة بمقتضيات أنواع ثلاثة من المنهجيات وهي: المنهجية التكاملية الميزة للتراث الإسلامي، المنهجية التداولية المستخدمة في الصنعة الفلسفية، والمنهجية الحجاجية المتضمنة في الصناعة المنطقية. \nإن الحديث عن التأسيس المنهجي يؤسس نمط معرفي متميز يقوم على النظريات والمفاهيم والمسلمات والاحكام والأدلة التي تبنى عليها المعرفة الإنسانية. \nان المنهج التكاملي يقوم على منهجية تقويم التراث الإسلامي العربي ويقوم باستخراج منهجية تقوم على استنباط التراث مع التقويم الصحيح وبعيدا إن إطلاق الأحكام المتسرعة والدعاوى (الايديولوجية)، ولان التمكن من وسائل النظر في التراث يتطلب معرفة مضامين هذا التراث. \nاما المنهج التداولي فيقوم على العمل الفلسفي وبفقه اليات التداول الخاصة بالفيلسوف، واذا كان التراث الإسلامي يتميز بالإنتاجية الثقافية فهذا يقتضي الإنتاج المعرفي والعمل على توثيق الذاكرة والتلاقح الفكري بين الأمم، وفق منهجية فلسفية يتبعها انموذج خاص يعمل على استكشاف منهجية تمثل ذاكرة استطلاع للأجيال القادمة وبتوثيق تاريخي يتناسب في تحصيل الإبداع. \nاما المنهج الحجاجي فيقوم على التقويم المنطقي للتراث الإسلامي والخطاب الفلسفي لا يصح الا بقانون المنطق الحجاجي، ذلك ان المنهجية التي تم استمدادها من التراث الإسلامي لها شرائط منطقية وتشكل النهوض بالإمكانات الفكرية للإحاطة بتحقيق الغرض يضاف الى تحصيل قوانين هذه المنهجية واستعمالها عند صياغة النظرية الفكرية. \nإن التأسيس المنهجي وتوثيق الذاكرة يمثل رسم خريطة للتاريخ والتي تتمثل بأرشفته للأجيال المقبلة، حيث يعد التوثيق مصدر قوة لكل الحروب والمعارك كما يشكل التوثيق مسؤولية وطنية للحفاظ على التراث والارث الوطني، حيث تكمن في انها تمثل ذاكرة الشعوب واحد المصادر التاريخية كما معرفة للحقائق الصحيحة وتنقل إلى الأجيال القادمة. \nوالا مر يختلف وما تعرض له العراق من هجمة مظلمة والتي تمثلت بدخول داعش حيث استهدف الأماكن الاثرية وتشويه التاريخ وسرقة المخطوطات، من اجل محو التوثيق والذاكرة التاريخية، والذي مثل مرحلة خطيرة تجاوزت الحدود الوطنية. \nويمثل داعش عدو شرس يدخل ضمن ارشفة مهمة لتوثيق الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب العراقي والتي تنقسم الى قسمين: الجرائم التي ارتكبها التنظيم الإرهابي وما روي عنه من قصص النازحين والذين تعرضوا للتسلط والعنف، وثانيا: ارشفة بطولات قوات الامن التي شاركت في الحرب والدخول في معارك طاحنة مع العدو. \nويشكل الحشد الشعبي محطة تاريخية رسمت صورة للانتصار ضد تنظيم داعش ولما حققه من بطولات وملاحم عرفت ب(ملحمة الحشد)، وتعد الارشفة توثيق لما دار من معارك طاحنة من قبل الحشد الشعبي او القوات الأمنية التي تمثل قوات مساندة في الحرب، وكل ذلك يشكل مسؤولية وطنية والمعنية بأرشفة الصراعات والمعارك من اجل الحفاظ على التراث الوطني. \nكما ان التوثيق يعتمد على مبادرات الباحثين والمجاميع الثقافية والتي تقوم بعروض ومهرجانات وكتابات توثيقية تعزز مكانة الحشد وتصور بطولاته، كما ان عمل الروايات والقصص وطباعة المجلدات والكراسات كلها تمثل آلية للتوثيق. \nان توثيق الملاحم البطولية ترسم خارطة تاريخية للأجيال ومدى معرفة تلك الأجيال بتاريخ الدولة، كما يمكن من خلال التوثيق معرفة الاحداث التاريخية، حيث ان الذاكرة تعكس صورة تجعله يسير بنفس النهج وبالإضافة الى ذلك فان توثيق الذاكرة تعد من اليات توجيه تلك الأجيال الى المنهج الصحيح والعمل للحفاظ على ارث الدول وما حققته من انتصارات وما دار من معارك. \nان الحشد الشعبي ضرب أنموذجا مختلف نقش في تاريخ العراق بدماء سقت ارض الوطن، حيث أسست المرجعية الرشيدة قوى عسكرية ضاربة وجيش جرار سطر انتصارات وشكل بصمة مختلفة تركت اثر في تاريخ الشعب العراقي، ويعد توثيق الحشد الشعبي مسؤولية ليست وطنية فقط وانما تاريخية والتذكير بما حققه الحشد من إنجازات تبقى ارث حضاري مخلد. ","PeriodicalId":393827,"journal":{"name":"Journal of Kufa Studies Center","volume":"1 1","pages":"0"},"PeriodicalIF":0.0000,"publicationDate":"2023-08-21","publicationTypes":"Journal Article","fieldsOfStudy":null,"isOpenAccess":false,"openAccessPdf":"","citationCount":"0","resultStr":"{\"title\":\"توثيق ذاكرة الحشد الشعبي ))رؤية تحليلية في التأسيس المنهجي واليات توثيقه))\",\"authors\":\"رقية سعيد خلخال\",\"doi\":\"10.36322/jksc.v2i69.13142\",\"DOIUrl\":null,\"url\":null,\"abstract\":\"تمثل النظرية الاجتماعية وجه من اوجه المعرفة التي يتم بناؤها على أسس منهجية منظمة والتي تشمل توخي الجانبين النظري والامبريقي، كما تفسر الواقع الاجتماعي ومكوناته، كما ان كل البحوث والدراسات التي أجريت على المجتمعات الإسلامية اتبعت خطى وتيارات سوسيولوجية غربية، حيث حاول اغلب المفكرين العرب دراسة واقع مجتمعاتهم في ضوء تلك التيارات والنظريات التي أسست للمجتمعات المغايرة لمثل المجتمعات الغربية، وتكمن هنا المشكلة في تشخيص مواقع الخلل، حيث ان تلك النظريات لم تشخص الخلل الواضح نظرا لاختلاف طبيعة المجتمعات الإسلامية والعربية، كما ان تلك المجتمعات تحمل الكثير في طياتها من العادات والتراث والتقاليد والقيم الإسلامية والتي تتعارض مع القيم الغربية، وينسحب ذلك الأمر على ماسسة المنهج الذي يمكن ان يتبع في دراسة ما لمعالجة قضايا المجتمع والعمل على توثيق ذلك. \\nواذا كان البعض من مؤرخي الفلسفة والذين يرون في إن كوبرنيك، وديكارت، ورواد الحداثة الغربية، فان الحركة الفعلية في الجانب المنهجي التجريبي ترجع الى بيكون وتصميمه على تغيير النماذج القديمة والتخلص من مناهج ارسطو التقليدية والتي تقوم على الاستقراء. \\nولذا فان الطرح الفلسفي المسبق يعمل على تقديم نظام جديد للمنطق والذي يقوم على تأسيس منهجي واقعي يرسم صور وقضايا ويقوم بمعالجتها وتوثيقها بشكل تفصيلي، حيث يعد النظام المنطقي الجديد متفوق على الطرق القديمة للقياس المنطقي ويتوجه بالأساس نحو طبيعة (تحقيق التقدم)، لذا فان الطرح الفلسفي الغربي أراد ان يحقق طفرة نوعية في الاطار التنظيري وتقديم تأسيس منهجي يمكن ان يشكل اطار اتفاق مع المنهج العقلاني. \\nان الأصل في فقه المنهج والتأسيس المنهجي يمثل تحصيل القدرة على الإحاطة بمقتضيات أنواع ثلاثة من المنهجيات وهي: المنهجية التكاملية الميزة للتراث الإسلامي، المنهجية التداولية المستخدمة في الصنعة الفلسفية، والمنهجية الحجاجية المتضمنة في الصناعة المنطقية. \\nإن الحديث عن التأسيس المنهجي يؤسس نمط معرفي متميز يقوم على النظريات والمفاهيم والمسلمات والاحكام والأدلة التي تبنى عليها المعرفة الإنسانية. \\nان المنهج التكاملي يقوم على منهجية تقويم التراث الإسلامي العربي ويقوم باستخراج منهجية تقوم على استنباط التراث مع التقويم الصحيح وبعيدا إن إطلاق الأحكام المتسرعة والدعاوى (الايديولوجية)، ولان التمكن من وسائل النظر في التراث يتطلب معرفة مضامين هذا التراث. \\nاما المنهج التداولي فيقوم على العمل الفلسفي وبفقه اليات التداول الخاصة بالفيلسوف، واذا كان التراث الإسلامي يتميز بالإنتاجية الثقافية فهذا يقتضي الإنتاج المعرفي والعمل على توثيق الذاكرة والتلاقح الفكري بين الأمم، وفق منهجية فلسفية يتبعها انموذج خاص يعمل على استكشاف منهجية تمثل ذاكرة استطلاع للأجيال القادمة وبتوثيق تاريخي يتناسب في تحصيل الإبداع. \\nاما المنهج الحجاجي فيقوم على التقويم المنطقي للتراث الإسلامي والخطاب الفلسفي لا يصح الا بقانون المنطق الحجاجي، ذلك ان المنهجية التي تم استمدادها من التراث الإسلامي لها شرائط منطقية وتشكل النهوض بالإمكانات الفكرية للإحاطة بتحقيق الغرض يضاف الى تحصيل قوانين هذه المنهجية واستعمالها عند صياغة النظرية الفكرية. \\nإن التأسيس المنهجي وتوثيق الذاكرة يمثل رسم خريطة للتاريخ والتي تتمثل بأرشفته للأجيال المقبلة، حيث يعد التوثيق مصدر قوة لكل الحروب والمعارك كما يشكل التوثيق مسؤولية وطنية للحفاظ على التراث والارث الوطني، حيث تكمن في انها تمثل ذاكرة الشعوب واحد المصادر التاريخية كما معرفة للحقائق الصحيحة وتنقل إلى الأجيال القادمة. \\nوالا مر يختلف وما تعرض له العراق من هجمة مظلمة والتي تمثلت بدخول داعش حيث استهدف الأماكن الاثرية وتشويه التاريخ وسرقة المخطوطات، من اجل محو التوثيق والذاكرة التاريخية، والذي مثل مرحلة خطيرة تجاوزت الحدود الوطنية. \\nويمثل داعش عدو شرس يدخل ضمن ارشفة مهمة لتوثيق الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب العراقي والتي تنقسم الى قسمين: الجرائم التي ارتكبها التنظيم الإرهابي وما روي عنه من قصص النازحين والذين تعرضوا للتسلط والعنف، وثانيا: ارشفة بطولات قوات الامن التي شاركت في الحرب والدخول في معارك طاحنة مع العدو. \\nويشكل الحشد الشعبي محطة تاريخية رسمت صورة للانتصار ضد تنظيم داعش ولما حققه من بطولات وملاحم عرفت ب(ملحمة الحشد)، وتعد الارشفة توثيق لما دار من معارك طاحنة من قبل الحشد الشعبي او القوات الأمنية التي تمثل قوات مساندة في الحرب، وكل ذلك يشكل مسؤولية وطنية والمعنية بأرشفة الصراعات والمعارك من اجل الحفاظ على التراث الوطني. \\nكما ان التوثيق يعتمد على مبادرات الباحثين والمجاميع الثقافية والتي تقوم بعروض ومهرجانات وكتابات توثيقية تعزز مكانة الحشد وتصور بطولاته، كما ان عمل الروايات والقصص وطباعة المجلدات والكراسات كلها تمثل آلية للتوثيق. \\nان توثيق الملاحم البطولية ترسم خارطة تاريخية للأجيال ومدى معرفة تلك الأجيال بتاريخ الدولة، كما يمكن من خلال التوثيق معرفة الاحداث التاريخية، حيث ان الذاكرة تعكس صورة تجعله يسير بنفس النهج وبالإضافة الى ذلك فان توثيق الذاكرة تعد من اليات توجيه تلك الأجيال الى المنهج الصحيح والعمل للحفاظ على ارث الدول وما حققته من انتصارات وما دار من معارك. \\nان الحشد الشعبي ضرب أنموذجا مختلف نقش في تاريخ العراق بدماء سقت ارض الوطن، حيث أسست المرجعية الرشيدة قوى عسكرية ضاربة وجيش جرار سطر انتصارات وشكل بصمة مختلفة تركت اثر في تاريخ الشعب العراقي، ويعد توثيق الحشد الشعبي مسؤولية ليست وطنية فقط وانما تاريخية والتذكير بما حققه الحشد من إنجازات تبقى ارث حضاري مخلد. \",\"PeriodicalId\":393827,\"journal\":{\"name\":\"Journal of Kufa Studies Center\",\"volume\":\"1 1\",\"pages\":\"0\"},\"PeriodicalIF\":0.0000,\"publicationDate\":\"2023-08-21\",\"publicationTypes\":\"Journal Article\",\"fieldsOfStudy\":null,\"isOpenAccess\":false,\"openAccessPdf\":\"\",\"citationCount\":\"0\",\"resultStr\":null,\"platform\":\"Semanticscholar\",\"paperid\":null,\"PeriodicalName\":\"Journal of Kufa Studies Center\",\"FirstCategoryId\":\"1085\",\"ListUrlMain\":\"https://doi.org/10.36322/jksc.v2i69.13142\",\"RegionNum\":0,\"RegionCategory\":null,\"ArticlePicture\":[],\"TitleCN\":null,\"AbstractTextCN\":null,\"PMCID\":null,\"EPubDate\":\"\",\"PubModel\":\"\",\"JCR\":\"\",\"JCRName\":\"\",\"Score\":null,\"Total\":0}","platform":"Semanticscholar","paperid":null,"PeriodicalName":"Journal of Kufa Studies Center","FirstCategoryId":"1085","ListUrlMain":"https://doi.org/10.36322/jksc.v2i69.13142","RegionNum":0,"RegionCategory":null,"ArticlePicture":[],"TitleCN":null,"AbstractTextCN":null,"PMCID":null,"EPubDate":"","PubModel":"","JCR":"","JCRName":"","Score":null,"Total":0}
توثيق ذاكرة الحشد الشعبي ))رؤية تحليلية في التأسيس المنهجي واليات توثيقه))
تمثل النظرية الاجتماعية وجه من اوجه المعرفة التي يتم بناؤها على أسس منهجية منظمة والتي تشمل توخي الجانبين النظري والامبريقي، كما تفسر الواقع الاجتماعي ومكوناته، كما ان كل البحوث والدراسات التي أجريت على المجتمعات الإسلامية اتبعت خطى وتيارات سوسيولوجية غربية، حيث حاول اغلب المفكرين العرب دراسة واقع مجتمعاتهم في ضوء تلك التيارات والنظريات التي أسست للمجتمعات المغايرة لمثل المجتمعات الغربية، وتكمن هنا المشكلة في تشخيص مواقع الخلل، حيث ان تلك النظريات لم تشخص الخلل الواضح نظرا لاختلاف طبيعة المجتمعات الإسلامية والعربية، كما ان تلك المجتمعات تحمل الكثير في طياتها من العادات والتراث والتقاليد والقيم الإسلامية والتي تتعارض مع القيم الغربية، وينسحب ذلك الأمر على ماسسة المنهج الذي يمكن ان يتبع في دراسة ما لمعالجة قضايا المجتمع والعمل على توثيق ذلك.
واذا كان البعض من مؤرخي الفلسفة والذين يرون في إن كوبرنيك، وديكارت، ورواد الحداثة الغربية، فان الحركة الفعلية في الجانب المنهجي التجريبي ترجع الى بيكون وتصميمه على تغيير النماذج القديمة والتخلص من مناهج ارسطو التقليدية والتي تقوم على الاستقراء.
ولذا فان الطرح الفلسفي المسبق يعمل على تقديم نظام جديد للمنطق والذي يقوم على تأسيس منهجي واقعي يرسم صور وقضايا ويقوم بمعالجتها وتوثيقها بشكل تفصيلي، حيث يعد النظام المنطقي الجديد متفوق على الطرق القديمة للقياس المنطقي ويتوجه بالأساس نحو طبيعة (تحقيق التقدم)، لذا فان الطرح الفلسفي الغربي أراد ان يحقق طفرة نوعية في الاطار التنظيري وتقديم تأسيس منهجي يمكن ان يشكل اطار اتفاق مع المنهج العقلاني.
ان الأصل في فقه المنهج والتأسيس المنهجي يمثل تحصيل القدرة على الإحاطة بمقتضيات أنواع ثلاثة من المنهجيات وهي: المنهجية التكاملية الميزة للتراث الإسلامي، المنهجية التداولية المستخدمة في الصنعة الفلسفية، والمنهجية الحجاجية المتضمنة في الصناعة المنطقية.
إن الحديث عن التأسيس المنهجي يؤسس نمط معرفي متميز يقوم على النظريات والمفاهيم والمسلمات والاحكام والأدلة التي تبنى عليها المعرفة الإنسانية.
ان المنهج التكاملي يقوم على منهجية تقويم التراث الإسلامي العربي ويقوم باستخراج منهجية تقوم على استنباط التراث مع التقويم الصحيح وبعيدا إن إطلاق الأحكام المتسرعة والدعاوى (الايديولوجية)، ولان التمكن من وسائل النظر في التراث يتطلب معرفة مضامين هذا التراث.
اما المنهج التداولي فيقوم على العمل الفلسفي وبفقه اليات التداول الخاصة بالفيلسوف، واذا كان التراث الإسلامي يتميز بالإنتاجية الثقافية فهذا يقتضي الإنتاج المعرفي والعمل على توثيق الذاكرة والتلاقح الفكري بين الأمم، وفق منهجية فلسفية يتبعها انموذج خاص يعمل على استكشاف منهجية تمثل ذاكرة استطلاع للأجيال القادمة وبتوثيق تاريخي يتناسب في تحصيل الإبداع.
اما المنهج الحجاجي فيقوم على التقويم المنطقي للتراث الإسلامي والخطاب الفلسفي لا يصح الا بقانون المنطق الحجاجي، ذلك ان المنهجية التي تم استمدادها من التراث الإسلامي لها شرائط منطقية وتشكل النهوض بالإمكانات الفكرية للإحاطة بتحقيق الغرض يضاف الى تحصيل قوانين هذه المنهجية واستعمالها عند صياغة النظرية الفكرية.
إن التأسيس المنهجي وتوثيق الذاكرة يمثل رسم خريطة للتاريخ والتي تتمثل بأرشفته للأجيال المقبلة، حيث يعد التوثيق مصدر قوة لكل الحروب والمعارك كما يشكل التوثيق مسؤولية وطنية للحفاظ على التراث والارث الوطني، حيث تكمن في انها تمثل ذاكرة الشعوب واحد المصادر التاريخية كما معرفة للحقائق الصحيحة وتنقل إلى الأجيال القادمة.
والا مر يختلف وما تعرض له العراق من هجمة مظلمة والتي تمثلت بدخول داعش حيث استهدف الأماكن الاثرية وتشويه التاريخ وسرقة المخطوطات، من اجل محو التوثيق والذاكرة التاريخية، والذي مثل مرحلة خطيرة تجاوزت الحدود الوطنية.
ويمثل داعش عدو شرس يدخل ضمن ارشفة مهمة لتوثيق الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب العراقي والتي تنقسم الى قسمين: الجرائم التي ارتكبها التنظيم الإرهابي وما روي عنه من قصص النازحين والذين تعرضوا للتسلط والعنف، وثانيا: ارشفة بطولات قوات الامن التي شاركت في الحرب والدخول في معارك طاحنة مع العدو.
ويشكل الحشد الشعبي محطة تاريخية رسمت صورة للانتصار ضد تنظيم داعش ولما حققه من بطولات وملاحم عرفت ب(ملحمة الحشد)، وتعد الارشفة توثيق لما دار من معارك طاحنة من قبل الحشد الشعبي او القوات الأمنية التي تمثل قوات مساندة في الحرب، وكل ذلك يشكل مسؤولية وطنية والمعنية بأرشفة الصراعات والمعارك من اجل الحفاظ على التراث الوطني.
كما ان التوثيق يعتمد على مبادرات الباحثين والمجاميع الثقافية والتي تقوم بعروض ومهرجانات وكتابات توثيقية تعزز مكانة الحشد وتصور بطولاته، كما ان عمل الروايات والقصص وطباعة المجلدات والكراسات كلها تمثل آلية للتوثيق.
ان توثيق الملاحم البطولية ترسم خارطة تاريخية للأجيال ومدى معرفة تلك الأجيال بتاريخ الدولة، كما يمكن من خلال التوثيق معرفة الاحداث التاريخية، حيث ان الذاكرة تعكس صورة تجعله يسير بنفس النهج وبالإضافة الى ذلك فان توثيق الذاكرة تعد من اليات توجيه تلك الأجيال الى المنهج الصحيح والعمل للحفاظ على ارث الدول وما حققته من انتصارات وما دار من معارك.
ان الحشد الشعبي ضرب أنموذجا مختلف نقش في تاريخ العراق بدماء سقت ارض الوطن، حيث أسست المرجعية الرشيدة قوى عسكرية ضاربة وجيش جرار سطر انتصارات وشكل بصمة مختلفة تركت اثر في تاريخ الشعب العراقي، ويعد توثيق الحشد الشعبي مسؤولية ليست وطنية فقط وانما تاريخية والتذكير بما حققه الحشد من إنجازات تبقى ارث حضاري مخلد.