伊本·路得对语言和意义的哲学态度

Rawad Mohammed Mahmood, Şevket Kotan
{"title":"伊本·路得对语言和意义的哲学态度","authors":"Rawad Mohammed Mahmood, Şevket Kotan","doi":"10.32955/neu.istem.2023.9.1.08","DOIUrl":null,"url":null,"abstract":"تناول هذا البحث موضوع تعامل ابن رشد (ت ٥٩٥/١١٩٨) الفلسفي مع ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه. ومشكلة البحث هي وجود شبهة حول تفسير الفلاسفة للنصوص القرآنية، وأنهم كانوا يفسرونها ويؤلونها دون المحافظة على ألفاظها ومعانيها. والهدف من هذا البحث هو التعرف على موقف ابن رشد كفيلسوف أول القرآن، وهل كان قد اعتمد في تأويلاته مناهج المفسرين من أجل المحافظة على ألفاظ القرآن ومعانيه أم كان يعتمد على الفلسفة فقط؟ ولذلك اعتمدنا في هذا البحث على المنهج الاستقرائي لملاحظة أوجه التقارب بين ابن رشد والمفسرين، للتأكد من أنه كان يؤول القرآن باستعمال أصول التفسير والفلسفة في آن واحد. ومن ثم المنهج المقارن للتعرف على الأصول المشتركة بينه وبين المفسرين. وكان القرآن قد تناول الموضوعات التي أشكلك على الفلسفة والفلاسفة القدماء، وقدمها للمسلمين بمقدمات برهانية ملكتهم حق الإنشغال الفلسفي، والتوليد المستمر منها. وكانت تلك الموضوعات قد جذبت جماعة من الفلاسفة المسلمين، فأخذوا يؤولونها بنظريات الفلسفة القديمة، وكأن الإشكال الذي كانت تعاني منه الفلسفة القديمة قد بدأ يظهر من جديد مع هذه التأويلات، لأنها كانت تستند إلى نظريات غامضة ومتناقضة فأتت تأويلاتهم كذلك غامضة أحياناً ومتناقضة أحياناً أخرى، والمشكلة الأساسية في طريقة الفلاسفة أنهم كانوا يؤولون النصوص القرآنية بالنظريات الفلسفية فقط دون الرجوع إلى التراث التفسيري والعمل بالأصول والقواعد التي نظمها المفسرون في كتبهم، وكانت هذه المشكلة سبباً في تكوين صورة سيئة عن التفسير الفلسفي في مخيلة الجمهور، لأنهم وجدوا أن ألفاظ القرآن مع الفلاسفة قد اتخذت معاني غير المعاني التي يشير إليها القرآن فسادت هذه النظرة حتى مجيء ابن رشد، وكان له موقف فلسفي من هذه المشكلة، وظاهر هذا الموقف ينسجم مع موقف المفسرين القدماء، فاتخذ خطوة لم يتخذها أحداً من الفلاسفة قبله، إذ جمع بين أصول الفلسفة وأصول التفسير في تأويل آيات القرآن، وهذا يعني أن اتصال الدين بالفلسفة أو افتراقهما مرهون باتصال أصول التفسير بأصول الفلسفة أو افتراقهما. وكان ابن رشد قد تحمل مسؤولية إعادة تأويل الآيات التي أولها الفلاسفة، وتصحيح العقيدة من المفاهيم المغلوطة، وإعادة اتصال الدين بالفلسفة كل ذلك بناءً على مقتضى مقاصد القرآن، فقد استعان بقواعد التفسير وأصوله، وطالع كتب عظماء المفسرين كالطبري (ت ٣١٠/٩٢٣) والماتريدي (ت ٣٣٣/٩٤٤) واستفاد من نتاجاتهم وطرقهم في التأويل. وإذا أردنا أن نقيم هذا الموقف من وجهة نظر علم التفسير فإنه يدل على قناعة ابن رشد التامة بوجوب العمل بالقياس المشترك، وأن وضع المقاربات الفلسفية للنصوص الدينية يعتمد بشكل كبير على تراث وأصول التفسير، وأن الفلسفة وحدها لا يمكن أن تنجز شيئاً من فعل تلك المقاربات دون الاستعانة بأصول التفسير. وموقف ابن رشد الفلسفي من اللفظ والمعنى يتصل بموقفه من الإعجاز الفلسفي في القرآن، وأن المعجزة العظمى هي معجزة الكلمة القرآنية، وهي المسؤولة عن تحفيز العقل نحو البحث عن القيم العصرية، وإنشاء المعاني الجديدة بالنظر في الأسباب والمسببات. فإذا كانت القراءة التفسيرية تقدم الدين بصفته المسؤول عن تنظيم الجوانب التطبيقية المتعلقة بحياة الإنسان في المعاملات والعبادات؛ فإن القراءة الفلسفية تقدم الدين على أنه العطاء العقلي الدائم. وبذلك يستمد الإنسان حياته وبقائه من الدين من جهتين: فمن جهة حياته يعمل على إيجاد الظواهر الشرعية لنفسه. ومن جهة بقائه يطمح بعقله الوصول إلى عالم أكثر لياقة وأبعد تطوراً. وأن بمقدوره مكاشفة المجهولات وإظهارها إلى عالم الوجود. إذن هذه الدراسة حينما تتحدث عن هاتين القراءتين فإنما تتحدث عنهما باعتبار الحاجة الإنسانية الماسة لهما، وليس المرح الفكري أو المطارحة بالعبارات الفلسفية. لذلك عندما يستعين ابن رشد بمناهج المفسرين ويستمد منهم الدعائم اللازمة في إنشاء تأويلاته الفلسفية في التفسير إنما لتأسيس معرفي دائم، وليس لترك حقيبة المعرفة في الزمن الماضي. فيذهب في تعامله مع اللفظ والمعنى أحياناً مذاهب المفسرين، فيتوقف في تأويلاته عن القطع بالمعنى ليترك الباب مفتوحاً أمام محتملات مستقبلية أخرى، ويتعامل معها أحياناً أخرى تعاملاً فلسفياً بغية الكشف عن الألفاظ التي يختارها المؤول في تأويلاته، فقد تأكد لديه أن مشكلة اختيار ألفاظ التأويل هي من مشاكل الفلاسفة التي أدت بهم إلى إنشـــاء معاني غير المعاني التي يقصدها القرآن.","PeriodicalId":321845,"journal":{"name":"Journal Of The Near East University Islamic Research Center","volume":"45 1","pages":"0"},"PeriodicalIF":0.0000,"publicationDate":"2023-06-30","publicationTypes":"Journal Article","fieldsOfStudy":null,"isOpenAccess":false,"openAccessPdf":"","citationCount":"0","resultStr":"{\"title\":\"موقف ابن رشد الفلسفي من اللفظ والمعنى مقاربة منهجية\",\"authors\":\"Rawad Mohammed Mahmood, Şevket Kotan\",\"doi\":\"10.32955/neu.istem.2023.9.1.08\",\"DOIUrl\":null,\"url\":null,\"abstract\":\"تناول هذا البحث موضوع تعامل ابن رشد (ت ٥٩٥/١١٩٨) الفلسفي مع ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه. ومشكلة البحث هي وجود شبهة حول تفسير الفلاسفة للنصوص القرآنية، وأنهم كانوا يفسرونها ويؤلونها دون المحافظة على ألفاظها ومعانيها. والهدف من هذا البحث هو التعرف على موقف ابن رشد كفيلسوف أول القرآن، وهل كان قد اعتمد في تأويلاته مناهج المفسرين من أجل المحافظة على ألفاظ القرآن ومعانيه أم كان يعتمد على الفلسفة فقط؟ ولذلك اعتمدنا في هذا البحث على المنهج الاستقرائي لملاحظة أوجه التقارب بين ابن رشد والمفسرين، للتأكد من أنه كان يؤول القرآن باستعمال أصول التفسير والفلسفة في آن واحد. ومن ثم المنهج المقارن للتعرف على الأصول المشتركة بينه وبين المفسرين. وكان القرآن قد تناول الموضوعات التي أشكلك على الفلسفة والفلاسفة القدماء، وقدمها للمسلمين بمقدمات برهانية ملكتهم حق الإنشغال الفلسفي، والتوليد المستمر منها. وكانت تلك الموضوعات قد جذبت جماعة من الفلاسفة المسلمين، فأخذوا يؤولونها بنظريات الفلسفة القديمة، وكأن الإشكال الذي كانت تعاني منه الفلسفة القديمة قد بدأ يظهر من جديد مع هذه التأويلات، لأنها كانت تستند إلى نظريات غامضة ومتناقضة فأتت تأويلاتهم كذلك غامضة أحياناً ومتناقضة أحياناً أخرى، والمشكلة الأساسية في طريقة الفلاسفة أنهم كانوا يؤولون النصوص القرآنية بالنظريات الفلسفية فقط دون الرجوع إلى التراث التفسيري والعمل بالأصول والقواعد التي نظمها المفسرون في كتبهم، وكانت هذه المشكلة سبباً في تكوين صورة سيئة عن التفسير الفلسفي في مخيلة الجمهور، لأنهم وجدوا أن ألفاظ القرآن مع الفلاسفة قد اتخذت معاني غير المعاني التي يشير إليها القرآن فسادت هذه النظرة حتى مجيء ابن رشد، وكان له موقف فلسفي من هذه المشكلة، وظاهر هذا الموقف ينسجم مع موقف المفسرين القدماء، فاتخذ خطوة لم يتخذها أحداً من الفلاسفة قبله، إذ جمع بين أصول الفلسفة وأصول التفسير في تأويل آيات القرآن، وهذا يعني أن اتصال الدين بالفلسفة أو افتراقهما مرهون باتصال أصول التفسير بأصول الفلسفة أو افتراقهما. وكان ابن رشد قد تحمل مسؤولية إعادة تأويل الآيات التي أولها الفلاسفة، وتصحيح العقيدة من المفاهيم المغلوطة، وإعادة اتصال الدين بالفلسفة كل ذلك بناءً على مقتضى مقاصد القرآن، فقد استعان بقواعد التفسير وأصوله، وطالع كتب عظماء المفسرين كالطبري (ت ٣١٠/٩٢٣) والماتريدي (ت ٣٣٣/٩٤٤) واستفاد من نتاجاتهم وطرقهم في التأويل. وإذا أردنا أن نقيم هذا الموقف من وجهة نظر علم التفسير فإنه يدل على قناعة ابن رشد التامة بوجوب العمل بالقياس المشترك، وأن وضع المقاربات الفلسفية للنصوص الدينية يعتمد بشكل كبير على تراث وأصول التفسير، وأن الفلسفة وحدها لا يمكن أن تنجز شيئاً من فعل تلك المقاربات دون الاستعانة بأصول التفسير. وموقف ابن رشد الفلسفي من اللفظ والمعنى يتصل بموقفه من الإعجاز الفلسفي في القرآن، وأن المعجزة العظمى هي معجزة الكلمة القرآنية، وهي المسؤولة عن تحفيز العقل نحو البحث عن القيم العصرية، وإنشاء المعاني الجديدة بالنظر في الأسباب والمسببات. فإذا كانت القراءة التفسيرية تقدم الدين بصفته المسؤول عن تنظيم الجوانب التطبيقية المتعلقة بحياة الإنسان في المعاملات والعبادات؛ فإن القراءة الفلسفية تقدم الدين على أنه العطاء العقلي الدائم. وبذلك يستمد الإنسان حياته وبقائه من الدين من جهتين: فمن جهة حياته يعمل على إيجاد الظواهر الشرعية لنفسه. ومن جهة بقائه يطمح بعقله الوصول إلى عالم أكثر لياقة وأبعد تطوراً. وأن بمقدوره مكاشفة المجهولات وإظهارها إلى عالم الوجود. إذن هذه الدراسة حينما تتحدث عن هاتين القراءتين فإنما تتحدث عنهما باعتبار الحاجة الإنسانية الماسة لهما، وليس المرح الفكري أو المطارحة بالعبارات الفلسفية. لذلك عندما يستعين ابن رشد بمناهج المفسرين ويستمد منهم الدعائم اللازمة في إنشاء تأويلاته الفلسفية في التفسير إنما لتأسيس معرفي دائم، وليس لترك حقيبة المعرفة في الزمن الماضي. فيذهب في تعامله مع اللفظ والمعنى أحياناً مذاهب المفسرين، فيتوقف في تأويلاته عن القطع بالمعنى ليترك الباب مفتوحاً أمام محتملات مستقبلية أخرى، ويتعامل معها أحياناً أخرى تعاملاً فلسفياً بغية الكشف عن الألفاظ التي يختارها المؤول في تأويلاته، فقد تأكد لديه أن مشكلة اختيار ألفاظ التأويل هي من مشاكل الفلاسفة التي أدت بهم إلى إنشـــاء معاني غير المعاني التي يقصدها القرآن.\",\"PeriodicalId\":321845,\"journal\":{\"name\":\"Journal Of The Near East University Islamic Research Center\",\"volume\":\"45 1\",\"pages\":\"0\"},\"PeriodicalIF\":0.0000,\"publicationDate\":\"2023-06-30\",\"publicationTypes\":\"Journal Article\",\"fieldsOfStudy\":null,\"isOpenAccess\":false,\"openAccessPdf\":\"\",\"citationCount\":\"0\",\"resultStr\":null,\"platform\":\"Semanticscholar\",\"paperid\":null,\"PeriodicalName\":\"Journal Of The Near East University Islamic Research Center\",\"FirstCategoryId\":\"1085\",\"ListUrlMain\":\"https://doi.org/10.32955/neu.istem.2023.9.1.08\",\"RegionNum\":0,\"RegionCategory\":null,\"ArticlePicture\":[],\"TitleCN\":null,\"AbstractTextCN\":null,\"PMCID\":null,\"EPubDate\":\"\",\"PubModel\":\"\",\"JCR\":\"\",\"JCRName\":\"\",\"Score\":null,\"Total\":0}","platform":"Semanticscholar","paperid":null,"PeriodicalName":"Journal Of The Near East University Islamic Research Center","FirstCategoryId":"1085","ListUrlMain":"https://doi.org/10.32955/neu.istem.2023.9.1.08","RegionNum":0,"RegionCategory":null,"ArticlePicture":[],"TitleCN":null,"AbstractTextCN":null,"PMCID":null,"EPubDate":"","PubModel":"","JCR":"","JCRName":"","Score":null,"Total":0}
引用次数: 0

摘要

本文讨论的问题是,鲁德的儿子(t 595 / 138)对《可兰经》的词语和含义的哲学处理。研究的难题是,哲学家对《可兰经》的解释存有疑问,他们对《可兰经》的解释和曲,却不保留经文的文字和意思。本研究的目的是要了解《古兰经》第一哲学家伊本·路得的态度,他的解释是否采用了解释者的课程,以维护《古兰经》的文字和含义,还是仅仅基于哲学?因此,在本研究中,我们采用了外推法,观察abbhdh和解释者之间的共同点,以确保在解释《古兰经》时同时使用解释和哲学原理。因此,比较方法来确定它与解释者之间的共同资产。古兰经》论述了你的哲学和哲学家的各种主题,并将这些主题向穆斯林提供了他们具有哲学权利的证据。这些主题吸引了一群穆斯林哲学家,他们用古老的哲学理论来解释,似乎旧哲学的问题已经开始与这些解释一起出现,因为这些理论的依据是模糊和矛盾的理论,而它们的解释有时也模棱两可,有时相互矛盾。公众对《可兰经》的哲学解释产生误解,因为他们发现《可兰经》与哲学家的说法与《可兰经》的含义不同,直到伊本·路得斯来到,他对这一问题有哲学观点,他对这一问题持哲学立场,这一立场似乎与古代的解释家的立场一致。本·路得根据《可兰经》的宗旨,重新解释哲学家的的经文,纠正信仰的谬论,重新宗教与哲学之间的联系,他引用了《可兰经》的解释原则,引用了《塔布里》(t310 / 923)和《特雷迪》(t333 / 944)等伟大的解释家的著作,以及他们的结论和解释方法。如果我们要从解释学的角度来评估这一立场,那就表明,伊本·路得完全相信,必须采取共同的标准,对宗教文本的哲学方法在很大程度上取决于解释的遗产和渊源,而如果没有解释的基础,仅靠哲学就无法从这些方法中取得任何成果。伊本·路得对语言和含义的哲学立场与他对《可兰经》哲学奇迹的立场有关,他对《可兰经》这个词的奇迹是奇迹,它促使理性寻求现代价值观,并通过考虑原因和原因创造新的含义。如果解释性阅读是宗教作为负责管理交易和礼拜中与人的生命有关的应用方面的责任;哲学阅读将宗教视为永久的精神捐赠。因此,人的生活和生存都来自宗教:一方面,他的生活为自己寻找合法的现象。一方面,它的生存渴望建立一个更健康、更发达的世界。它可以探测到未知的东西并将它们展示给现实世界。因此,本研究报告在谈到这两份报告时,把它们看作是人类的迫切需要,而不是思想上或哲学上的幽默。因此,当伊本·路得在解释其哲学解释时,参考了他们的理论基础时,而是为了建立永久的知识,而不是为了抛弃知识的包袱。在处理术语和含义时,他从意义上讲,他的解释停止了断断续续,为其他未来的可能性打开了方便之门,而在另一些情况下,他以哲学方式对待它,以便揭示解释者在解释中所选择的措辞,因为他认为,选择解释的问题是哲学家的问题,因为他们造成了《可兰经》的含义。
本文章由计算机程序翻译,如有差异,请以英文原文为准。
موقف ابن رشد الفلسفي من اللفظ والمعنى مقاربة منهجية
تناول هذا البحث موضوع تعامل ابن رشد (ت ٥٩٥/١١٩٨) الفلسفي مع ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه. ومشكلة البحث هي وجود شبهة حول تفسير الفلاسفة للنصوص القرآنية، وأنهم كانوا يفسرونها ويؤلونها دون المحافظة على ألفاظها ومعانيها. والهدف من هذا البحث هو التعرف على موقف ابن رشد كفيلسوف أول القرآن، وهل كان قد اعتمد في تأويلاته مناهج المفسرين من أجل المحافظة على ألفاظ القرآن ومعانيه أم كان يعتمد على الفلسفة فقط؟ ولذلك اعتمدنا في هذا البحث على المنهج الاستقرائي لملاحظة أوجه التقارب بين ابن رشد والمفسرين، للتأكد من أنه كان يؤول القرآن باستعمال أصول التفسير والفلسفة في آن واحد. ومن ثم المنهج المقارن للتعرف على الأصول المشتركة بينه وبين المفسرين. وكان القرآن قد تناول الموضوعات التي أشكلك على الفلسفة والفلاسفة القدماء، وقدمها للمسلمين بمقدمات برهانية ملكتهم حق الإنشغال الفلسفي، والتوليد المستمر منها. وكانت تلك الموضوعات قد جذبت جماعة من الفلاسفة المسلمين، فأخذوا يؤولونها بنظريات الفلسفة القديمة، وكأن الإشكال الذي كانت تعاني منه الفلسفة القديمة قد بدأ يظهر من جديد مع هذه التأويلات، لأنها كانت تستند إلى نظريات غامضة ومتناقضة فأتت تأويلاتهم كذلك غامضة أحياناً ومتناقضة أحياناً أخرى، والمشكلة الأساسية في طريقة الفلاسفة أنهم كانوا يؤولون النصوص القرآنية بالنظريات الفلسفية فقط دون الرجوع إلى التراث التفسيري والعمل بالأصول والقواعد التي نظمها المفسرون في كتبهم، وكانت هذه المشكلة سبباً في تكوين صورة سيئة عن التفسير الفلسفي في مخيلة الجمهور، لأنهم وجدوا أن ألفاظ القرآن مع الفلاسفة قد اتخذت معاني غير المعاني التي يشير إليها القرآن فسادت هذه النظرة حتى مجيء ابن رشد، وكان له موقف فلسفي من هذه المشكلة، وظاهر هذا الموقف ينسجم مع موقف المفسرين القدماء، فاتخذ خطوة لم يتخذها أحداً من الفلاسفة قبله، إذ جمع بين أصول الفلسفة وأصول التفسير في تأويل آيات القرآن، وهذا يعني أن اتصال الدين بالفلسفة أو افتراقهما مرهون باتصال أصول التفسير بأصول الفلسفة أو افتراقهما. وكان ابن رشد قد تحمل مسؤولية إعادة تأويل الآيات التي أولها الفلاسفة، وتصحيح العقيدة من المفاهيم المغلوطة، وإعادة اتصال الدين بالفلسفة كل ذلك بناءً على مقتضى مقاصد القرآن، فقد استعان بقواعد التفسير وأصوله، وطالع كتب عظماء المفسرين كالطبري (ت ٣١٠/٩٢٣) والماتريدي (ت ٣٣٣/٩٤٤) واستفاد من نتاجاتهم وطرقهم في التأويل. وإذا أردنا أن نقيم هذا الموقف من وجهة نظر علم التفسير فإنه يدل على قناعة ابن رشد التامة بوجوب العمل بالقياس المشترك، وأن وضع المقاربات الفلسفية للنصوص الدينية يعتمد بشكل كبير على تراث وأصول التفسير، وأن الفلسفة وحدها لا يمكن أن تنجز شيئاً من فعل تلك المقاربات دون الاستعانة بأصول التفسير. وموقف ابن رشد الفلسفي من اللفظ والمعنى يتصل بموقفه من الإعجاز الفلسفي في القرآن، وأن المعجزة العظمى هي معجزة الكلمة القرآنية، وهي المسؤولة عن تحفيز العقل نحو البحث عن القيم العصرية، وإنشاء المعاني الجديدة بالنظر في الأسباب والمسببات. فإذا كانت القراءة التفسيرية تقدم الدين بصفته المسؤول عن تنظيم الجوانب التطبيقية المتعلقة بحياة الإنسان في المعاملات والعبادات؛ فإن القراءة الفلسفية تقدم الدين على أنه العطاء العقلي الدائم. وبذلك يستمد الإنسان حياته وبقائه من الدين من جهتين: فمن جهة حياته يعمل على إيجاد الظواهر الشرعية لنفسه. ومن جهة بقائه يطمح بعقله الوصول إلى عالم أكثر لياقة وأبعد تطوراً. وأن بمقدوره مكاشفة المجهولات وإظهارها إلى عالم الوجود. إذن هذه الدراسة حينما تتحدث عن هاتين القراءتين فإنما تتحدث عنهما باعتبار الحاجة الإنسانية الماسة لهما، وليس المرح الفكري أو المطارحة بالعبارات الفلسفية. لذلك عندما يستعين ابن رشد بمناهج المفسرين ويستمد منهم الدعائم اللازمة في إنشاء تأويلاته الفلسفية في التفسير إنما لتأسيس معرفي دائم، وليس لترك حقيبة المعرفة في الزمن الماضي. فيذهب في تعامله مع اللفظ والمعنى أحياناً مذاهب المفسرين، فيتوقف في تأويلاته عن القطع بالمعنى ليترك الباب مفتوحاً أمام محتملات مستقبلية أخرى، ويتعامل معها أحياناً أخرى تعاملاً فلسفياً بغية الكشف عن الألفاظ التي يختارها المؤول في تأويلاته، فقد تأكد لديه أن مشكلة اختيار ألفاظ التأويل هي من مشاكل الفلاسفة التي أدت بهم إلى إنشـــاء معاني غير المعاني التي يقصدها القرآن.
求助全文
通过发布文献求助,成功后即可免费获取论文全文。 去求助
来源期刊
自引率
0.00%
发文量
0
×
引用
GB/T 7714-2015
复制
MLA
复制
APA
复制
导出至
BibTeX EndNote RefMan NoteFirst NoteExpress
×
提示
您的信息不完整,为了账户安全,请先补充。
现在去补充
×
提示
您因"违规操作"
具体请查看互助需知
我知道了
×
提示
确定
请完成安全验证×
copy
已复制链接
快去分享给好友吧!
我知道了
右上角分享
点击右上角分享
0
联系我们:info@booksci.cn Book学术提供免费学术资源搜索服务,方便国内外学者检索中英文文献。致力于提供最便捷和优质的服务体验。 Copyright © 2023 布克学术 All rights reserved.
京ICP备2023020795号-1
ghs 京公网安备 11010802042870号
Book学术文献互助
Book学术文献互助群
群 号:604180095
Book学术官方微信