انطباعات ناصر خسرو في رحلته (سفرنامه) عن مصر زمن الفاطميين

ناصر خسرو هو أبو معين الدين ناصر بن خسرو بن حارث القُبَادياني البلخي المروزي (394-481هـ/ 1004-1088م) ولد في قُباديان وهي إحدى مقاطعات بلخ في خراسان ، وهو رحّالة وفيلسوف وشاعر .بدأ رحلته من مرو سنة 437هـ/ 1045م ، وانتهت سنة 444هـ/1052م ، تاركاً حياة الدعة والراحة لدى السلاجقة ، باحثاً عن الحقيقة - حسب ما يراه – وقد مر بمصر ومكث فيها ما زاد على ثلاث سنوات ، وكان ذلك في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي (427-487هـ/ 1035-1094م) ، وقد أثارت لديه حالة الرخاء والرفاهية ونشر العدالة في ربوعها ، وإعجابه بما حققه الفاطميون من إنجازات عمرانية شملت قصورهم وشوارعهم في حاضرتهم القاهرة ، وأسواقهم العامرة ، وارتفاع المستوى المعاشي لدخل الفرد ، واهتمام الناس بتأنيق دورهم . وكان ناصر خسرو على مذهب أهل السُنّة ، وقد غير مذهبه إلى الشيعة الإسماعيلية ، ووجد فيه المذهب الحق ، بعد ان شهد نجاحاته على أرض الواقع في مصر ، ووجده أنه المذهب الذي يصبوا إليه ويصب في خدمة المجتمع الإسلامي . وتكمن أهمية رحلته (سفرنامه) ، أنه حدّدَ موقع مصر من الناحية الجغرافية بما يحيطها من بحرين وهما الروم والأحمر (القلزم) وما يتوسطها من نهر (النيل) ، واهتمامه بالجوانب الاجتماعية والزراعية والحضارية التي عاشتها مصر في منتصف القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي ، وقد أثْرَت رحلته التاريخ الإسلامي بمعلومات غنية ودقيقة عن العالم الإسلامي في المناطق التي مرّ بها.