{"title":"الإسهام الشعري في الجهاد الفكري (قراءة في لامية البوصيري)","authors":"د. عبد الرحمن عبد الله دفع الله","doi":"10.52981/fic.v1i8.301","DOIUrl":null,"url":null,"abstract":"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الوقت المعلوم وبعد : \nفإن الله سبحانه وتعالى قال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ) ([1]) والضمير في قوله تعالى (وَجَاهِدْهُم بِهِ ) راجع إلى القرآن ([2]) كما هو مروي عبن ابن عباس رضي الله عنهما وعليه أكثر المفسرين. وقال تعالى أيضا مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ...)([3]) وفي التفسير أن جهاد الكفار يكون بالقتال المباشر بالطعان والسنان جهاد المنافقين يكون بالقول واللسان، لأن المنافقين في الظاهر معدودون في المسلمين، وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، جاء في سنته قوله صلى الله عليه وسلم : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) ([4]) \nفعلم من هذا أن الجهاد في سبيل الله فريضة ماضية وعزة باقية وهو باعتبار المجاهد ( اسم فاعل من جاهد ) أنواع ثلاثة كما بين في الكتاب الكريم والسنة الشريفة، ويدخل في هذا الأخير الجهاد الفكري الذي يعبر عنه باللسان، وهو جهاد بإبلاغ الدعوة وإقامة الحجة وتوصيل الأدلة، وبالرصد لشبهات أعداء الإسلام والرد عليها، والتخطيط السليم لكشف مؤامراتهم وإحباطها قبل الشروع في تنفيذها، والجهاد باللسان يشمل جميع أنواع التعبير عن ما في القلوب، سواء كان ذلك بالقول والكلام المباشرة مقابلة الحجة بالحجة، أو بالكتابة المبينة عما في الضمير نثراً كان ذلك أم شعراً لأن العرب تقول ( القلم أحد اللسانين )([5]) \nوسأفرد هذا البحث لإسهام الشعر في الجهاد بالكلمة التي هي من أفضل أنواع الجهاد كما ورد في المجتبى من السنن ( أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز : أي الجهاد أفضل ؟ قال : كلمة حق عند سلطان جائر) ([6])، والكلمة يقصد بها الكلام لأنه كما قال أبن مالك ( وكلمة بها كلام قد يؤم ) ([7]) \nالكلام عند العرب نوعان : شعر ونثر وهما سائر ما ينطق به الناس، والشعر أفضل أنواع الكلام وأعلاها عندهم على الخلاف المشهور بين أهل اللغة وأصحاب اللسان في المفاضلة بين الشعر والنثر. \nوهدف هذا البحث بيان دور الشعر في الجهاد بالفكر وقد جعلته بعنوان :_ \nالإسهام الشعري في الجهاد الفكري ( قراءة في لامية البوصيري ) وفيما يلي شرح موجز لكلمات العنوان :ـ \nأما الإسهام : فهو في اللغة من أسهم إذا شارك وأخذ بنصيب وأعني بالإسهام هنا المشاركة. \nوأما الشعري : فهو المنسوب إلى الشعر وهو الكلام المقفى الموزون على سبيل القصد.([8]) \nوأما الجهاد : فهو بذل الجهد في مدافعة العدو بأنواع الجهاد المختلفة \nوأما الفكري : فهو المنسوب إلى الفكر وهو إعمال القلب أو العقل لإقامة الحجج ونصب الأدلة وإظهار البراهين، ومن هنا تأتي أهمية البحث. \n \n[1] سورة الفرقان ، الآية (52) \n[2] - محمد الامين الشنقيطي ، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان 1415هـ /1995م ، الجز6 ، ص 64 \n[3] - سورة التحريم ، الآية (9) \n[4] أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، سنن أبي داد ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، الجزء الثاني ، باب كراهية ترك الغزو، حديث رقم 2506، ص 318 \n[5] - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، البيان والتبيين ، دار صعب ، بيروت ، تحقيق فوزي عطوي ، الطبعة الأولى 1968م ، ص57 \n[6] - أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ، المجتبى من السنن ، تحقيق عبد الفتاح أو غره ، مكتب المطبوعات الإسلامية ، حلب ، الطبعة الثانية 1406هـ /1986م ، باب فضل من تكلم بالحق عند إمام جائر ، ج7 ، حديث رقم 4209 ، ص 161 \n[7] - حسن بن قاسم المرادي ، توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية بن مالك ، تحقيق عبد الرحمن على سليمان ، دار الفكر العربي ، الطبعة الولى 1428هـ /2008م ، ج1، ص 274 \n[8] - الموسوعة الفقهية الكويتية ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، الكويت ، الطبعة الأولى ، 1404ه ، ج26 ، ص 112","PeriodicalId":228009,"journal":{"name":"Islamic Dawa landmarks Journal","volume":"4 1","pages":"0"},"PeriodicalIF":0.0000,"publicationDate":"2019-09-16","publicationTypes":"Journal Article","fieldsOfStudy":null,"isOpenAccess":false,"openAccessPdf":"","citationCount":"0","resultStr":null,"platform":"Semanticscholar","paperid":null,"PeriodicalName":"Islamic Dawa landmarks Journal","FirstCategoryId":"1085","ListUrlMain":"https://doi.org/10.52981/fic.v1i8.301","RegionNum":0,"RegionCategory":null,"ArticlePicture":[],"TitleCN":null,"AbstractTextCN":null,"PMCID":null,"EPubDate":"","PubModel":"","JCR":"","JCRName":"","Score":null,"Total":0}
引用次数: 0
Abstract
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الوقت المعلوم وبعد :
فإن الله سبحانه وتعالى قال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ) ([1]) والضمير في قوله تعالى (وَجَاهِدْهُم بِهِ ) راجع إلى القرآن ([2]) كما هو مروي عبن ابن عباس رضي الله عنهما وعليه أكثر المفسرين. وقال تعالى أيضا مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ...)([3]) وفي التفسير أن جهاد الكفار يكون بالقتال المباشر بالطعان والسنان جهاد المنافقين يكون بالقول واللسان، لأن المنافقين في الظاهر معدودون في المسلمين، وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، جاء في سنته قوله صلى الله عليه وسلم : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) ([4])
فعلم من هذا أن الجهاد في سبيل الله فريضة ماضية وعزة باقية وهو باعتبار المجاهد ( اسم فاعل من جاهد ) أنواع ثلاثة كما بين في الكتاب الكريم والسنة الشريفة، ويدخل في هذا الأخير الجهاد الفكري الذي يعبر عنه باللسان، وهو جهاد بإبلاغ الدعوة وإقامة الحجة وتوصيل الأدلة، وبالرصد لشبهات أعداء الإسلام والرد عليها، والتخطيط السليم لكشف مؤامراتهم وإحباطها قبل الشروع في تنفيذها، والجهاد باللسان يشمل جميع أنواع التعبير عن ما في القلوب، سواء كان ذلك بالقول والكلام المباشرة مقابلة الحجة بالحجة، أو بالكتابة المبينة عما في الضمير نثراً كان ذلك أم شعراً لأن العرب تقول ( القلم أحد اللسانين )([5])
وسأفرد هذا البحث لإسهام الشعر في الجهاد بالكلمة التي هي من أفضل أنواع الجهاد كما ورد في المجتبى من السنن ( أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز : أي الجهاد أفضل ؟ قال : كلمة حق عند سلطان جائر) ([6])، والكلمة يقصد بها الكلام لأنه كما قال أبن مالك ( وكلمة بها كلام قد يؤم ) ([7])
الكلام عند العرب نوعان : شعر ونثر وهما سائر ما ينطق به الناس، والشعر أفضل أنواع الكلام وأعلاها عندهم على الخلاف المشهور بين أهل اللغة وأصحاب اللسان في المفاضلة بين الشعر والنثر.
وهدف هذا البحث بيان دور الشعر في الجهاد بالفكر وقد جعلته بعنوان :_
الإسهام الشعري في الجهاد الفكري ( قراءة في لامية البوصيري ) وفيما يلي شرح موجز لكلمات العنوان :ـ
أما الإسهام : فهو في اللغة من أسهم إذا شارك وأخذ بنصيب وأعني بالإسهام هنا المشاركة.
وأما الشعري : فهو المنسوب إلى الشعر وهو الكلام المقفى الموزون على سبيل القصد.([8])
وأما الجهاد : فهو بذل الجهد في مدافعة العدو بأنواع الجهاد المختلفة
وأما الفكري : فهو المنسوب إلى الفكر وهو إعمال القلب أو العقل لإقامة الحجج ونصب الأدلة وإظهار البراهين، ومن هنا تأتي أهمية البحث.
[1] سورة الفرقان ، الآية (52)
[2] - محمد الامين الشنقيطي ، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان 1415هـ /1995م ، الجز6 ، ص 64
[3] - سورة التحريم ، الآية (9)
[4] أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، سنن أبي داد ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، الجزء الثاني ، باب كراهية ترك الغزو، حديث رقم 2506، ص 318
[5] - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، البيان والتبيين ، دار صعب ، بيروت ، تحقيق فوزي عطوي ، الطبعة الأولى 1968م ، ص57
[6] - أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ، المجتبى من السنن ، تحقيق عبد الفتاح أو غره ، مكتب المطبوعات الإسلامية ، حلب ، الطبعة الثانية 1406هـ /1986م ، باب فضل من تكلم بالحق عند إمام جائر ، ج7 ، حديث رقم 4209 ، ص 161
[7] - حسن بن قاسم المرادي ، توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية بن مالك ، تحقيق عبد الرحمن على سليمان ، دار الفكر العربي ، الطبعة الولى 1428هـ /2008م ، ج1، ص 274
[8] - الموسوعة الفقهية الكويتية ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، الكويت ، الطبعة الأولى ، 1404ه ، ج26 ، ص 112